أصول الفقهالفتاوى

الفرق بين العيب والحرام

يسأل السائل عن الفرق بين العيب والحرام؟

  • السؤال:
أريد أن أعرف الفرق بين العيب والحرام، وهل كل عيب حرام تبعاً لقاعدة أن العرف جزء من الشرع ما لم يصطدم به؟ وهل لو قمت بعمل يقال إنه عيب، ولكنه ليس حراما، هل في هذه الحالة أكون مخطئاً؟؟

 

  • الجواب:

بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

فإن الذي  يحاسب الله تعالى عليه الناس هو الشرع، وقد أمرنا بطاعة الله تعالى ورسوله ومن أمرنا الله تعالى بطاعته، مثل الوالدين والحاكم المسلم الذي يتقي  الله تعالى، وغيرهما ممن كانت طاعته مشروطة أن تكون جزءا من طاعة الله تعالى، لأنه: “لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق”.

قال تعالى: {أَطِيعُوا۟ ٱللَّهَ وَأَطِيعُوا۟ ٱلرَّسُولَ وَأُو۟لِى ٱلْأَمْرِ مِنكُمْ ۖ فَإِن تَنَـٰزَعْتُمْ فِى شَىْءٍۢ فَرُدُّوهُ إِلَى ٱللَّهِ وَٱلرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلْـَٔاخِرِ}”.

وقال: {وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوٓا۟ إِلَّآ إِيَّاهُ وَبِٱلْوَٰلِدَيْنِ إِحْسَـٰنًا}.

أما ما يعرف بالعيب، فإن هناك فرقا بين أن يقال: إن هذا عيب، وهذا حرام، ولا ارتباط بينهما، فالعيب شيء يرجع إلى العرف، وليس إلى الشرع. 

فقد يكون من العيب أن يخرج الإنسان بشورت وتي شيرت في بعض الأوساط، وقد يكون مقبولا في بعض الأوساط الأخرى، فالذي يسكن في المناطق الراقية مثلا، بخلاف من يسكن في المناطق الشعبية، وسكان المدينة غير سكان الريف، ومن يعيش في الغرب غير من يعيش في الشرق.

ومراعاة العرف شيء طيب، مادام لا يصادم أو يخالف شيئا من الدين، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يراعي العرف في بعض تصرفاته، لأجل مصلحة دينية معينة، كتأليف القلوب، فلما جاء وفد اليمن إلى النبي صلى الله عليه وسلم ليسألوا عن الإسلام، لبس النبي صلى الله عليه وسلم جبة يمانية، حتى يشعرهم أنه قريب منهم، وحتى يزيل الوحشة بينه وبينهم، فيكونوا أقرب لسماع كلامه.

وقد رفض النبي صلى الله عليه وسلم أن يأكل من الضب، وترك خالد بن الوليد يأكله، فلما سئل عن ترك أكله، فأخبر أن نفسه تعافه، وأن قومه لم يكونوا يأكلونه.

 

  • ومن الأمور التي يحسن الانتباه إليها أن الشرع وضع مساحات يحرم على الإنسان أن يطرقها، وهي:

مساحة المحرمات، ومساحات أوجب علينا أن نأتيها، وهي  الفرائض والواجبات، ومساحات حث عليها، ولم يأمر بها، وهي المندوبات، ومساحات حث على تركها، ولم يحرمها، وهي المكروهات، ومساحات يتساوى فيها المنع والإباحة، وهي متروكة للناس، فبعيدا عن مساحة الحرام والواجب، يمكن للناس أن تجعل العرف من الأمور التي يختاروها على أساسها أو يتركوا.

وهذا يعني أن العيب في مكان قد يكون غير معيب في مكان آخر، وأن ما هو مطلوب عرفا في مكان قد يكون غير مرغوب فيه في مكان آخر.

وقد يحتم المكان على الإنسان بعض الأشياء، ففي البحر ينزل الإنسان بملابس البحر، وفي الرياضة يلبس ملابس الرياضة، وفي المسجد يكون أكثر حشمة، مع أن العورة التي يجب أن يسترها ما بين السرة والركبة، وفي المدارس هناك ملابس معينة، وفي بعض المهن يجب أن نرتدي بعض الملابس الأخرى، وهذا يعني أنه ليس هناك ارتباط بين العيب والحرام، فكل حرام عيب، وليس كل عيب حرام.

والله أعلم

 

  • د مسعود صبري

للمزيد عن الفرق بين العيب والحرام اقرأ أيضا

ميراث المال المشكوك في حل كسبه

هل كانت المقال مفيداً ؟
نعملا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى