الأسرةالطلاقالفتاوى

الطلاق عبر رسائل المحمول

  • السؤال:
هل يجوز للرجل أن يرسل لزوجته الطلاق عبر الرسائل الالكترونية، المكتوبة، كالبريد الالتروني أو عبر وسائل المحمول، حيث أثير هذا الموضوع في بعض البلدان، مما أثار جدلا واسعا حول الموافقة والرفض.

 

  • الجواب:

بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

تعددت وسائل الطلاق، فمن ذلك: الطلاق باللفظ، والطلاق بالكتابة، والطلاق بالإشارة، ولا يلجأ للطلاق بالكتابة إلا عند العجز عن النطق، ولا إلى الطلاق بالإشارة إلا عند العجز عن النطق والكتابة، أو تكون إحدى هذه الوسائل هي الأنسب لحال المطلق.

والنطق بالطلاق في زماننا لا يمنع منه إلا العجز عن استخدامه، وهذا بخلاف القديم، فربما يكون الرجل في بلد وزوجته في بلد آخر، فيعجز أن يسمع الطلاق لزوجته، فتكون الكتابة قائمة مقامها. أما في عصر ثورة الاتصالات، فما أيسر أن يسمع الرجل زوجته الطلاق، ولذا، فيعتمد النطق بالطلاق دون غيره إلا في حالة العجز.

كما أن كثيرا من الفقهاء كالحنابلة ومن وافقهم يجعلون الطلاق بالكتابة من كنايات الطلاق التي تفتقر إلى النية.

وإن كان جمهور الفقهاء يبيح الطلاق بالكتابة إن نوى الإنسان الطلاق عند الكتابة، وبشرط أن تكون كتابة مستبينة مفهومة المعنى، واضحة لا يفهم منها إلا الطلاق، غير أن الناظر إلى الكتابة الالكترونية يجد اختلافا كبيرا بينها وبين الكتابة بالقلم على الورق، فالإنسان الذي يكتب بخطه الحقيقي، يستطاع عند إنكاره إثبات أن المكتوب بخطه، ويتدخل المختص بمعرفة بصمات الإنسان في توضيح هذا الأمر. أما الكتابة الالكترونية، والتي تكون بالضغط على الأزرة سواء أكانت على المحمول أو الحاسوب لا يمكن التأكد من صحتها، والتلاعب فيها سهل يسير، وخاصة عند من له دراية وخبرة بالحاسوب أو المحمول.

كما أن الكتابة الالكترونية قد لا تبقى، فيسهل مسحها من خلال حذف الرسالة من البريد الالكتروني، أو حذفها من خلال حذف الرسائل من المحمول، ويترتب على هذا التشكيك في وقوع الطلاق، سواء أكان من الزوج أو الزوجة، ولا تعد وسيلة إثبات.

ومن هنا نستطيع القول: إن الطلاق بالكتابة الالكترونية لا يعتد به، ولا يقع به الطلاق، إلا إذا كان من باب الإعلام بعد النطق بالطلاق، أما كونه وسيلة تعتمد في الطلاق وحده، فلا.

ثم إن الأوفق شرعًا أن تمنع هذه الوسيلة، وإن كان الشرع يأمر برفع الضرر، فإن الوسيلة التي قد تؤدي إليه تمنع، لقوله صلى الله عليه وسلم:” لا ضرر ولا ضرار”، كما أن في استخدام هذه الوسيلة إضعافا لعلاقة الزواج والطلاق، وهو ما يتعارض مع حكمة الشرع من هذه العلاقات، من كونها ميثاقًا غليظًا.
و للحاكم المسلم أو الجهات المختصة أن تصدر قرارًا بمنع هذه الوسيلة، فتكون ملزمة للجميع، صونًا للبيوت والأسر، وحفاظًا على الحياة الاجتماعية، فلا يأمن أن يقوم إنسان بكتابة طلاق لامرأة غير زوجته، والشرع ينفي كل ما فيه الغش والضرر.‏

والله أعلم

 

  • د مسعود صبري

هل كانت المقال مفيداً ؟
نعملا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى