الأسرةالطلاقالفتاوى

طلب الطلاق لسوء العشرة

  • السؤال:
نشكركم على مجهوداتكم. سؤالي هو كالتالي:

أنا رجل متزوج أعيش الآن مشاكل زوجية كبيرة نحن على أبواب الطلاق. زوجتي غادرت بيت الزوجية مند شهر لأسباب يمكن تلخيصها فيما يلي: تطلب مني زيارة والدتها بدون قيود ولا إذن مني – أنا طبعا أرفض مثل هذه المطالب ولا أسمح لها بالخروج إلا إدا دعت الضرورة. مرة في الأسبوع. أمها تقول أن ابنتها تعيش في سجن لأنها لا تخرج إلا معي. للإشارة فزوجتي لاتعمل. كما أن زوجتي تقوم بإفشاء كل أسراري هذا ما أساء لي كثيرا. إضافة إلى أنها ترفض أن يعيش معي كل من أخي وأختي، يدرسان عندي وأنا الدي أتحمل كامل المسؤولية. 

 

  • الجواب:

بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

الأخ الفاضل:

لو نظر كل إنسان في عيوب زوجته، لكل كل الناس زوجاتهم، ولو نظرت النساء فيما في الرجال من عيوب، لخالعت كل النساء أزواجهن.

وقد شرع الإسلام الطلاق حلا لكثيرمن المشاكل، وعملا بأخف الضررين، ولهدم أساس الأسرة الذي بني عليه، وانتهاء العلاقة الحميمية التي كانت موجودة، مع وجود كثير من المشكلات التي لا تطاق ولا تحتمل، أو يكون الزواج عن قرار خاطئ، وعدم معرفة كاملة بالزوجة.

وكل هذا ينظر إليه قبل الزواج، وأن يعرف الإنسان كيف يختار زوجته، وأن يفهم أن النظرة العادية للمرأة من كونها إنسانة طيبة لا يكفي في الحياة الزوجية، وليس كل امرأة صالحة تصلح لأن تكون زوجة لكل مسلم صالح، بل لابد من المعرفة التامة لكل من الشخصين.

 ولذا، فقد أمر الرسول صلى الله عليه وسلم أحد الصحابة أن ينظر لمخطوبته التي خطبها دون أن ينظر إليها: [انظر إليها، فإنه أحرى أن يؤدم بينكما]. وقد يكون من المعاني المفهومة أن النظر هنا لا يقتصر على مجرد الرؤية العينية، ولكن قد يقصد به بالإضافة إلى نظرة العين الدراسة للشخصية، والرؤية المتكاملة للشخصية، بناء على المعرفة من خلال السؤال والدراسة والبحث.

ولكن كل هذا يكون قبل الزواج، أما بعد الزواج، فيجب أن يغض الإنسان الطرف عن كثير مما يرى من زوجته، وقد جاء في هذا حديث النبي صلى الله عليه وسلم: [فإن كرهت منها خلقا رضيت لها آخر]، وقوله: [إن المرأة خلقت من ضلع، فإن ذهبت إليه لتقيمه كسرته، وإن تركته لم يزل أعوج]، وهذا يعني أن قيادة النساء والتعامل معهن يحتاج إلى نوع من الحنكة والسياسة، بعيدا عن سياسة “سي السيد” الذي يأمر وينهى فيطاع.

أما عن خروج زوجتك من بيتك، فهذا أكبر الخطأ، وقد تسلل إلى المسلمين أخطاء شائعة في تطبيق الشرع، حتى إن غضب الزوجة يعني خروجها من بيتها إلى بيت أبيها، والله تعالى أمر الرجال أن يبقوا النساء في بيوت الأزواج بعد الطلاق، فتكون عدتها في بيتها، {لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنۢ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّآ أَن يَأْتِينَ بِفَـٰحِشَةٍۢ مُّبَيِّنَةٍۢ}، يعني الحالة الوحيدة أن تكون المرأة زانية.، ولكن لو طلقت، يجب أن تمكث العدة في بيت زوجها، محاولة للإسلام لأن يرجع الرجل زوجته، فربما اطلع عليها في هيئة حسنة، فمال قلبه إليها، فيرجعها، فما بالنا ولم يحدث أي شيء من الطلاق.

وكل البيوت فيها مشاكل، من اليسير أن تحل، ولكن ليس من الحكمة أن نخرج مدفع الطلاق في وجه كل من اعترضنا، حتى لو كان هذا هو زوجاتنا، فأين الحب الذي جمع بينكما، وأين ما كان بينكما من المودة والرحمة؟ أليست هذه زوجتك التي اخترتها، وسعدت بها، وكنت تكاد تطير فرحا بها؟

تذكر يا أخي ما لزوجتك من خصال طيبة، وصفات جميلة، فربما على زوجك بعض الملاحظات، لكنها أفضل من غيرها، وربما طلقتها، فتتزوج أسوأ منها، فتعض يديك ندما على طلاقها.

وتعامل بالحكمة مع زوجتك، فهل خرجت معها لزيارة أهلها بنفسك، بدلا من السماح لها مرة واحدة، فربما كانت الطريقة التي تتعامل بها تولد نوعا من العناد، ومع أن الشرعي يأثم زوجتك، لأنك تسمح لها بالزيارة، وهي تريد أن تخرج دائما، مع أنه يجب عليها السمع والطاعة لزوجها، ولكننا في حاجة إلى أن نسوق الناس إلى فعل المأمور به بنوع من الحب، لا بنوع من الكره والبغضاء.

وأرى إن ذهبت أنت بنفسك معها، أن تتحسن العلاقة، وأن تفهم أمها ما تريد من خلال الدعوة بالحسنى، وكذلك السؤال عن أهل بالتليفون، والإحسان إليهم في المناسبات، فقد تكون هذه مفاتيح لقلوبهم، قد يدفعهم هذا إلى الاستجابة لأمرك، وإن كان من الناحية الشرعية زوجتك آثمة، وأنت محق في ذلك.

أما إفشاء الأسرار، فهو حرام لا يجوز، وقد ورد النهي عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك، ولكن تعامل مع زوجتك كأنها مريضة، تسعى لعلاجها.

  • أما رفضها لبقاء أخيك وأختك، فللمرأة أن تعيش مستقلة ببيتها، وأن يكون لها مسكن خاص بها، ما لم تتفق معها على هذا قبل الزواج.

وقد يكون هناك من الأمور النفسية عندها هي التي تحتاج إلى نوع من العلاج من خلال المناقشة والمصارحة، فاجلس مع زوجتك في هذا، وادرسا الموضوع جيدا، وخذا فيه قرارا، يجمع بين مصلحة زوجتك وأسرتك، وبين عملك الحميد لأخيك وأختك، وهذا لا يعني التفريط في حق أخيك وأختك، ولكن أحسب أن الأمور حين تهدأ، وأن العاصفة حين تنتهي، فستجد الزوج تسعد بأخيك وأختك، ولكن في ظل المشاحنات، قد تتعكر النفوس، وترفض أمورا قد تتقبلها في الأحوال العادية.

وإن أول العلاج أخي، هو أن تعيد زوجتك إلى بيتك، وأن تناقش معها بهدوء وروية كل المشكلات، وهي مشكلات يسيرة، لا تستعدي التفكير مطلقا في الزواج، فعند غيرك ما هو أكثر من هذا بكثير، وكما يقال في المثل: من نظر إلى بلوى غيره، هانت عليه بلواه.

فاستعن بالله تعالى وادعه أن يصلح أحوالكما، وأن ييسرا أمركما، وأن يتم عليكما نعمته في الدنيا والآخرة.

والله أعلم

 

  • د مسعود صبري

هل كانت المقال مفيداً ؟
نعملا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى