الأسرةالعاداتالفتاوىالمعاملاتالمواريث

حق الورثة في ادخار الأب لبناته

  • السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أنا أب ولى ثلاثة بنات وأدخر لهم فى دفتر توفير لكل واحدة منهن، ولكن قال لى أحد الأشخاص: إن هذا حرام؛ لأنك تحرم أهلك من ورثتك ومالك، فأهلك لهم حق فى هذا المال.
فالمفروض أن لهم نصيبا فى ذلك، مع العلم أن أهلى ليسوا في حاجة، لى أختان متزوجتان، ولى أخ متزوج، وله بنت، ولى أخ فى السنة النهائية بكالوريوس تجارة ولى أب غني وعنده بيت ملك من ستة أدوار وسوبر ماركت، ولى أم حالتها المادية جيدة، وأنا جاعل لها مصروفا شهريا، والحمد لله.
فأفيونى أفادكم الله.

والسلام عليكم ورحمه الله وبركاته.

 

  • الجواب:

بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

فادخار الأب لبناته من ماله جائز شرعا، على أنه ينهى أن يكون هذا الادخار بوسيلة منهي عنها شرعا، مثل توفير البريد.

فطر الله تعالى الإنسان على حبه أبناءه، وحرصه عليهم، وقذف في قلبه الأبوة منذ أن يولد له ولد، فيستشعر ببنوته له، فيسعى لما يصلحهم، وقد جاء في الحديث القدسي: {وألقيت محبتك في قلب أبويك، فلا يشبعان حتى تشبع، ولا يرقدان حتى ترقد}.

وهبة الرجل لبناته شيئا من ماله، لا بأس بها شرعا، لأن له حق التصرف فيما استخلفه الله تعالى من المال، على ألا يكون ذلك مقصودا منه إضرار الورثة، ولكن لا يعني هذا أن يكون للورثة شيء من مال الإنسان في حياته، لأنه المتصرف في ماله، وليس لهم إلا ما يبقى منه بعد موته.

ولكن النهي وارد في مقام الوازع الديني، لا التصرفات المالية، وليس على الرجل حق في ماله إلا ما كان إنفاقا على والديه وزوجته وأولاده، أو من له حق يجب رده، أما أقاربه، فإعطاؤهم في حياته هو من باب البر لا من باب الواجب.

على أن هبتك لبناتك عن طريق توفير البريد يحتاج إلى تمهل في الأمر، لأن عمل البريد أن يضع المال في البنك، ويأخذ فوائده المحرمة، وتعطي هيئة البريد منها لمن وضع أمواله فيه.
فينهى عن وضع المال في البريد، مع جواز أن يهب الإنسان شيئا لبناته.

والذي يراعى ما أمر الإسلام به في الهبة هو العدل بين الأولاد، فيعدل في القسمة بينهم، دون تفضيل بعض على بعض، حتى يكونوا لهم في البر سواء، وحتى لا توغر الصدور، ولا يجعل للشيطان بين أبنائه سبيلا.

وقد ورد في صحيح مسلم من عدة روايات أن عمرة بنت رواحة أم النعمان بن بشير سألت أباه أن يَهبه بعض ماله، فالْتَوى به سنة، أي تأخر في إجابة طلبها، ثم بدا له أن يفعل، فوهبه غلامًا، فقالت: لا أرضى حتى تُشهد رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ على ما وهبْت لابني، فأخذ بيده، وكان يومئذ غلامًا، فأتى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ، فقال له: يا رسول الله، إن أم هذا بنت رواحة أعجبها أن أُشهدك على الذي وهبت لابنها، فقال له رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ”يا بشير، ألك ولد سوى هذا؟” قال نعم، فقال: ”أكلُّهم له مثل هذا؟” قال: لا، قال: “لا يصحُّ هذا، أشهد على هذا غيري، فإني لا أَشْهد على جَوْر، اتَّقوا الله واعدلوا في أولادكم، ألا يسرُّك أن يكونوا لك في البر سواء؟” قال: بلى، قال: “فإني لا أشْهد.”

وروى الطبراني أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: “إن الله يحب أن تعدلوا بين أولادكم حتى في القُبَلِ، سَوُّوا بين أولادكم في العطيَّة، فلو كُنْت مفضِّلاً أحدًا لفضلت النساء على الرجال.”

والله أعلم

 

  • د مسعود صبري

هل كانت المقال مفيداً ؟
نعملا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى