الأسرةالفتاوى

منع الوالد ولده زيارة أمه

  • السؤال:
شاب طلقت والدته وتزوجت برجل آخر وكذلك تزوج والده بامرأة أخرى وقامت هذه السيدة بتربيته حتى وصل لمرحلة الشباب وقد منعه والده من الاتصال بوالدته طوال هذه الفترة. وعندما ألحت والدته في رؤيته ذهب إليها بغير علم والده وعندما علم والده بذلك غضب غضبا شديدا وحذره أنه لو اتصل بها مرة ثانية فسوف يطرده من البيت. فهل يستمر في صلته بوالدته رغم تحذير والده وما قد يترتب عليه أم يقاطعها؟ علما بأنه لا يمكنه زيارة والدته دون علم والده لأنهما جيران وأقارب في نفس الوقت.

 

  • الجواب:

بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
الأخ الفاضل:

إن من الصعب أن يعيش الشاب بعيدا عن أبويه، والإسلام إن أباح الطلاق، فإنه لم يبح أن تتقطع الأواصر.

فإن العلاقة بين الابن وأمه، وبين الابن وأبيه لا تنقطع أبدا، والمطلوب من الابن أن يبر أمه ويصلها، وأن يبر أباه.

وإن كان الوالد يرفض صلة الأم، فإنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، وعلى الابن أن يتعامل بنوع من الحكمة، فليحاول أن يصل أمه دون علم أبيه، أو بأية طريقة يراها مناسبة. ولكن لا يجوز شرعا أن يمنع الأب ابنه من صلة أمه.
كما أنه من الواجب على الابن أن يحسن معاملة زوجة أبيه.

وقد حظيت الأم بنصيب وافر من اهتمام المشرع الحكيم، وظفرت بعناية خاصة بتأكيده حقها، وإفرادها بالذكر، سواء كان ذلك في نطاق الوحي القرآني الشريف، أو ضمن إطار السنة المعصومة المطهرة، «ووجه الفضل ظاهر لكثرة مشقتها وزيادة تعبها». ويكفي لذلك بياناً قوله تعالى: ﴿وَوَصَّيْنَا ٱلْإِنسَـٰنَ بِوَٰلِدَيْهِ إِحْسَـٰنًا ۖ حَمَلَتْهُ أُمُّهُۥ كُرْهًۭا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًۭا وَحَمْلُهُۥ وَفِصَـٰلُهُۥ ثَلَـٰثُونَ شَهْرًا.

جاء رجل إلى النبي صلّى الله عليه وآله وسلم فقال: «يا رسول الله، من أبرُّ؟ قال: أمك. قال: ثم من؟ قال: أمك. قال: ثم من؟ قال: أمك. قال: ثم من؟ قال: أباك.»

وعنه صلّى الله عليه وآله وسلم: «الجنة تحت أقدام الأمهات.»

و عن سعيد بن المسيب قال: «قال عمر: كنا مع رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم على جبل، فأشرفنا على وادٍ فرأيت شاباً يرعى غنماً له أعجبني شبابه، فقلت: يا رسول الله، وأي شاب لو كان شبابه في سبيل الله! فقال النبي صلّى الله عليه وآله وسلم: يا عمر. فلعله في بعض سبيل الله وأنت لا تعلم، ثم دعاه النبي صلّى الله عليه وآله وسلم فقال: يا شاب، هل لك من تعول؟ قال: نعم. قال: من؟ قال: أمي، فقال النبي صلّى الله عليه وآله وسلم: الزمها فإن عند رجليها الجنة.»

و عن معاوية بن جاهمة أن جاهمة جاء إلى النبي صلّى الله عليه وآله وسلم فقال: «يا رسول الله، أردت أن أغزو، وقد جئت استشيرك، فقال: هل من أم؟ قال: نعم. قال: فالزمها، فإن الجنة عند رجليها.»

و قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم: «من الكبائر شتم الرجل والديه. يسب الرجل أبا الرجل فيسب أباه. ويسب أمه فيسب أمه.»

وعنه صلّى الله عليه وآله وسلم في قول الله تعالى: ﴿إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ ٱلْكِبَرَ أَحَدُهُمَآأَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّۢ وَلَا تَنْهَرْهُمَا﴾
قال: «هو أدنى الأذى حرّمه الله وما فوقه.»

قال جعفر الصادق في الآية: «إن أضجراك فلا تقل لهما أف، ولا تنهرهما إن ضرباك».

وعنه قال: «أدنى العقوق أفّ، ولو علم الله شيئاً أهون منه لنهى عنه».

وعنه أيضًا في قول الله عزَّ وجلَّ: ﴿وَٱخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ ٱلذُّلِّ مِنَ ٱلرَّحْمَةِ ﴾ قال: «لا تملأ عينيك من النظر إليهما إلاّ برحمة ورقة، ولا ترفع صوتك فوق أصواتهما، ولا يدك فوق أيديهما، ولا تقدّم قدامهما».

وعن الحكم قال: «قلت لأبي عبد الله: إن والدي تصدق عليّ بدار ثم بدا له أن يرجع فيها… فقال: بئس ما صنع والدك، فإن خاصمته فلا ترفع عليه صوتك، وإن رفع صوته فاخفض أنت صوتك».

والله أعلم

 

  • د مسعود صبري

هل كانت المقال مفيداً ؟
نعملا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى