الصلاةالعاداتالعبادةالفتاوى

توزيع المنشورات في المساجد

  • السؤال:
صديق لي لاحظ أن معظم المصلين في المسجد الذي يصلي به يقعون في أخطاء عديدة في صلاتهم، وأراد أن يلفت نظرهم بتوزيع مطويات وشرائط لشيوخ موثوق بهم ومراجعة من الأزهر الشريف، ولكن إمام المسجد (بالأوقاف) لا يتعاون مع من يريد توزيع شيئا أو تعليق لافتات حتى في مكان الوضوء. فهو عندما يتم عرض هذه الأشياء عليه بغرض مراجعتها، يأخذها ويحفظها عنده بدون اهتمام بها، فهل يجوز لصديقي أن يقوم بتوزيع المطويات والشرائط بدون عرضها على إمام المسجد أولا، مع حرصه على إعطاء نسخة للإمام نفسه؟

 

  • الجواب:

بسم الله، والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد..

توزيع المطويات التي تحتوى على مادة شرعية، من بيان أخطاء المصلين، أو تعليم الناس شيئا نافعا في العبادات أو المعاملات ونحوها أمر محمود شرعا، ويثاب فاعله.

وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ”بلغوا عني ولو آية”، والتبليغ كما يكون بالكلام الصوتي، فهو يكون بالمادة المكتوبة.

و إن كان للصوت أثره في النفس، فهو أثر في الغالب سرعان ما يزول، أما الكلام المكتوب فهو يبقى ويمكن للإنسان أن يعاود النصيحة من حين لآخر.

ولكن ينبغي ألا تشتمل هذه المطويات على ما يدعو إلى التفرقة بين المسلمين، من نشر المسائل الخلافية لنصرة رأي على رأي كالخلاف في رفع اليدين، أو قنوت الفجر، أو تقصير الثياب ونحو هذا.. فإن إثارة مثل هذه الخلافات الفقهية تحدث بلبلة بين الناس، والأصل أن مسائل الخلاف لا إنكار فيها عملا بالقاعدة الفقهية: ”لا إنكار في المختلف فيه إنما الإنكار في المجمع عليه.”

كما ينبغي ألا تشتمل المطويات على ما يخالف العقيدة الصحيحة، أو الآراء الشاذة، أو ما يحمل روح التثبيط في الأمة.

وأن تخلو من الأمور التي لا تليق بالمسجد، كالترويج للآراء الحزبية، ونصرة بعض المذاهب والفرق على الأخرى.

ولا يجوز لإمام المسجد أن يمنع أحدا من نشر مثل هذه المطويات، شريطة أن يستأذن إمام المسجد في هذا، فإن خلا المنشور من المحاذير المذكورة، فلا بأس بهذا الفعل، وهو مبني على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وقد قال تعالى: ﴿وَٱلْمُؤْمِنُونَ وَٱلْمُؤْمِنَـٰتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَآءُ بَعْضٍۢ ۚ يَأْمُرُونَ بِٱلْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ ٱلْمُنكَرِ﴾.

ومثل هذا العمل من وسائل الدعوة إلى الله تعالى، فلا يحرم مسلم من فعله. كما أن فيه نشرا للعلم النافع، وهو من الأمور المحمودة شرعا، والتي يثاب عليها فاعلها.

والصد عن فعل الخير مذموم شرعا، قال تعالى: ﴿أَرَءَيْتَ ٱلَّذِى يَنْهَىٰ. عَبْدًا إِذَا صَلَّىٰٓ﴾، ولكن إن ترتب على إلصاق هذا المنشور ضرر محقق، فيجوز النهي عن مثل هذا الفعل.

فالفعل في أصله مباح، إلا أن تكون هناك مصلحة في تركه، وأن تكون هذه المصلحة محققة، وليست موهمة، وأن ترتبط المصلحة بالدين، لا بالآراء الشخصية، أو الهوى.

ولكن إن أصر إمام المسجد على منع توزيع هذه المطويات أو الشرائط الدعوية فعليك عدم إثارة البلبلة في المسجد ويتحمل إمام المسجد تبعة تقصيره في منع الخير أن يصل إلى الناس.

والله أعلم.

  • د مسعود صبري

هل كانت المقال مفيداً ؟
نعملا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى