- يسأل السائل كيفية البحث عن المال الحلال في ركام الحرام؟
- السؤال:
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده أما بعد: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، لقد زاد في وقتنا الحاضر التعامل بالمال الحرام بأشكاله المختلفة ومنه الربا. ونعلم أن المال الحرام لا تجوز العبادات به من صدقات وتعاملات وحتى الحج غير مقبول به عند الله سبحانه وتعالى، وكل ما يبنى عليه (أي المال الحرام) هو حرام. والسؤال الذي يحيرني: عند تعاملي مع أشخاص مالهم حرام وأحصل على جزء من مالهم (بالعمل عندهم مثلا) هل يعتبر مالي حرام؟ وهل يجوز أن أتداين منهم مالا وغير ذلك، فمثلا هل يعتبر المشاريع التي أقيمها وغير ذلك من الأعمال المبنية على أموالهم تعتبر حراما، وأرجو من الله عز وجل الاستفادة منكم. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين السلام |
- الجواب:
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
الأخ الفاضل:
اسمح لي أن أقول: إن كل إنسان يبحث في لقمة عيشه وسعيه على الرزق أن يتحرى فيه الحلال، فهو إنسان قلبه حي ينبض بالإيمان، لأن خوف الإنسان أن يدخل جوفه شيء من حرام قوة دافعة للإنسان تحمي له دينه، وكثيرا ما أتعجب حين أقرأ حديث النبي صلى الله عليه وسلم: “اتق المحارم، تكن أعبد الناس”، فرأس تقوى الله البعد عما حرم الله تعالى، فهنيئا لك إيمانك وحياة قلبك في زمن ماتت فيه قلوب، وأحيت في قلوب.
أما عن موضوع تعامل من مالهم من حرام، فإن الله تعالى أقر في كتابه: ﴿أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌۭ وِزْرَ أُخْرَىٰ. وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَـٰنِ إِلَّا مَا سَعَىٰ﴾، فكل إنسان يحاسب على سعيه، ولا يحاسب على سعي غيره، ولو أنا جعلنا منع التعامل مع كل إنسان ماله من حرام لتوقفت الدنيا.
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يتعامل مع اليهود مع كونهم كانوا يتعاملون بالربا، بل كان النبي صلى الله عليه وسلم يقترض منهم، ومات صلى الله عليه وسلم ودرعه مرهونة عند يهودي، وقصة الرجل الذي أدان النبي صلى الله عليه وسلم، ثم جاءه قبل موعد السداد، ويقول له: يا محمد أعطني حقي، فإن والله يا آل عبد المطلب قوم مطل، فقام عمر يكاد يقتله، ولكن النبي صلى الله عليه وسلم رفض سلوك عمر، وأرشد صلى الله عليه وسلم عمر أن يطالبه بحسن الأداء، ويطالب اليهودي بحسن الطلب.
أما عن الكسب، فإنه يكون مقابل عمل حلال، فمن عمل عملا حلالا لفاسق أو مرتش أو مرابٍ، وأخذ عليه أجر، فأجره حلال له، وربا المرابي، ورشوة المرتشي، وفسق الفاسق عليه هو.
- أما عن الاستدانة، فإنها مباحة، ولكن يجب ألا نكثر التعامل مع هؤلاء، وأن تكون الاستدانة عند الحاجة أو الضرورة، وألا يزيد الناس منها.
أما دخول تجارة معه، فهذا ما لا أحبذه، لأنك ستصاب بدخانه، فستتعامل بالربا كما يتعامل، وتتعامل بالرشوة كما يتعامل هو، فلا يصبنك من دخانهم شيء، وفرق بين أن نكون شريكين، وبين التعامل الإنساني بين المسلم الطائع وغير الطائع، وبين المسلم وغير المسلم، وقد أحل الله تعالى لنا البيع والشراء والطعام والتجارة مع أهل الكتاب، مع خلاف العقيدة، ولا بأس بالتعامل التجاري معهم، على ألا يكون هناك تعامل بالربا والرشوة، وإلا وقعنا فيما يقعون هم فيه.
والله أعلم
- د. مسعود صبري
للمزيد عن البحث عن المال الحلال في ركام الحرام