الصلاةالعبادةالفتاوى

هل ترك الصلاة كفر؟

  • السؤال:
أنا فتاة لا أصلي، فهل أنا كافرة؟ وهل بتركي  للصلاة كسلا أكون قد خرجت عن الإسلام، مع أني أشهد ألا إله إلا الله، وأن محمدًا صلى الله عليه وسلم رسول الله؟

 

  • الجواب:

الصلاة صلة بين العبد وربه سبحانه، وما أكرم الله تعالى، فهو يريدنا أن نكون دائمًا في اتصال به، فنقابله على الأقل خمس مرات في اليوم والليلة، فيناجي فيها الإنسان ربه، وتناجي الفتاة خالقها، فتتقرب إليه، وتسأله حاجتها.

وترك الصلاة هروب من فطرة الإنسان، فالفتاة التي تترك الصلاة فتاة تهرب من فطرتها؛ لأن الفطرة السوية تسير على نهج الله تعالى، وأن تعرف الغاية من الوجود، كما قال الله تعالى: ﴿وَمَا خَلَقْتُ ٱلْجِنَّ وَٱلْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾.

ولأن الصلاة هي آخر عقد في الإسلام، فمن ترك الصلاة، فكيف يطبق الشرائع الأخرى من الإسلام.. وقد شدد كثير من الفقهاء في ترك الصلاة، ولكن لم يجز أحد من الفقهاء أن ينكر الصلاة التي هي علاقة المخلوق بالخالق فقد خرج عن الإسلام، وكفر بالله، لأن الإنكار بالقلب يعني خروج الإنسان عن الإسلام، أما من تركها تكاسلا، فهو نوع من  العصيان، يصل إلى أن يكون من أكبر الكبائر والذنوب.

ولهذا فمن الواجب على الفتاة أن تتقي الله، وأن تسرع إلى الصلاة، ففي الصلاة طهارة ونقاء، وطهر وعفاف، وهي تعلمنا النظام والطاعة.

ومن شذ عن فطرته النقية، وترك الصلاة، فإنه يعاقب بالحبس أو ما يراه الحاكم المسلم حتى يعاد الإنسان إلى فطرته.

   وتارك الصلاة لا يخلو إما أن يكون جاحدا لوجوبها، أو غير جاحد، فإن كان جاحدًا لوجوبها نظر فيه، فإن كان جاهلا به، وهو ممن يجهل ذلك، كأن يكون قد دخل الإسلام حديثا، أو نشأ في مكان لا تعرف فيه الأحكام، وهذا يجب أن نعرفه بوجوبها، فهذا لا يحكم بكفره؛ لأنه معذور.

 وإن لم يكن ممن يجهل ذلك، كالناشئ من المسلمين في الأمصار والقرى، لا يعذر، ولا يقبل منه أي ادعاء بجهله بالأحكام، وحكم بكفره؛ لأن أدلة الوجوب ظاهرة في الكتاب والسنة، والمسلمون يفعلونها على الدوام، فلا يخفى وجوبها على من هذا حاله، فلا يجحدها إلا تكذيبا لله تعالى ولرسوله وإجماع الأمة، وهذا يصير مرتدا عن الإسلام، وحكمه حكم سائر المرتدين في أن يطلب منه التوبة فإن أصر قتل، وليس في ذلك خلاف.

 أما إذا تركها لمرض، أو عَجَز عن أداءها بأركانها وشروطها، قيل له: إن ذلك لا يسقط الصلاة، وأنه يجب عليه أن يصلي على حسب طاقته.

 وإن تركها تهاونا أو كسلا، دعي إلى فعلها، وقيل له: إن صليت، وإلا قتلناك. فإن صلى، وإلا وجب قتله. ولا يقتل حتى يحبس ثلاثا ويضيق عليه فيها، ويدعى في وقت كل صلاة إلى فعلها، ويخوف بالقتل، فإن صلى، وإلا قتل بالسيف. وبهذا قال مالك وحماد بن زيد ووكيع والشافعي.

 وقال الزهري: يضرب ويسجن. وبه قال أبو حنيفة، قال: ولا يقتل؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث: كفر بعد إيمان، أو زنا بعد إحصان، أو قتل نفس بغير حق.”[متفق عليه]. وهذا لم يصدر منه أحد الثلاثة. فلا يحل دمه. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: “أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله، فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها.” [متفق عليه]. ولأنه فرع من فروع الدين. فلا يقتل بتركه كالحج، ولأن القتل لو شرع لشرع زجرًا عن ترك الصلاة، والقتل يمنع فعل الصلاة دائما، فلا يشرع، ولأن الأصل تحريم الدم، فلا تثبت الإباحة إلا بنص أو معنى نص. والأصل عدمه.

والراجح أن تارك الصلاة كسلا لا يقتل، بل ندعوه إلى الصلاة، حتى يصلي، ويعود إلى الله، مع غضب الله تعالى منه لتركه أكبر ركن من أركان الإسلام بعد الشهادة.

والله أعلم

د. مسعود صبري

للمزيد عن هل ترك الصلاة كفر؟ اقرأ أيضا

جريمة التكاسل عن الصلاة

هل كانت المقال مفيداً ؟
نعملا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى