قرار رقم 109 (4/25) بشأن وحدة الأمة |
الأدبي الحال لا تضر بالأمة ولكنها إذا تعدت الحدود الشرعية صارت سماً بطيئا قاتلا، والخلافات الذميمة أيا كان أساسها فهي غير شرعية على كل حال.
1. وفي القضايا الفقهية هناك خلافات كثيرة سببها الأرجحية وغير الأرجحية، والأفضلية وغير الأفضلية، ففي هذه الحالات الاعتقاد بأن رأيي هو الحق وحده، لا غير، ورأي غيري هو الباطل، ليس صحيحا. وكذلك القضايا التي تكون صفة الخلاف فيها كونها حلالاً وحراماً أو جائزاً وغير جائز فنظراً إلى كونها مسائل مجتهدا فيها فإنّ تغليط وتخطئة الآخر فيما ذهب إليه من رأي ومسألة لا يصح، كما أنه لا ينبغي تعميم القضايا الخلافية ونشرها في عامة الناس، نعم لا حرج لأحد في تبيين مذهبه انفراديا وإيراده الدلائل عليه، بل قد يستحسن ذلك في بعض الأحيان، ولكن إذا ذكرت المذاهب الأخرى في مناسبة فيجب ذكر الدلائل لكل موقف مع الإنصاف والتسامح، ويجب الالتزام بقيم الوقار والهدوء في الكلام واحترام الشخصيات المخالفة في الأمر والاجتهاد.
2. أما المسائل والقضايا التي تكون صفة الخلاف فيها خلافاً عقائدياً فيصح فيها إثبات عقيدة وإيراد الدلائل عليها مع اجتناب الكلام المؤجج لنيران الحقد، ويجب النظر في أدلة المذاهب وتفصيلها، مع الاجتناب الكامل للإساءة إلى المذاهب الأخرى والنيل منها، حتى وإن كان الطرف الآخر يأتي بكلام غير مناسب، ففي مثل هذه الحالة أيضاً ينبغي التزام الوقار والجدية في الكلام ما أمكن ذلك.
3. وهناك فرق كبير شرعاً في نقد فكر ضال أو عقيدة باطلة غير مؤدية إلى الكفر، وبين نقد فكر وعقيدة موجبة للكفر، وتكفير حاملي تلك العقيدة، فهناك آداب لنقد فكر وعقيدة موجبة للكفر ومنها:
أ) تجنّب تكفير حاملي تلك الفكرة والعقيدة ما أمكن والأخذ بالحيطة في ذلك.
ب) يجوز التعاون معهم على أساس المصالح الدينية والاجتماعية والضروريات السياسية.
ج) والنقد يهدف فقط إلى إحقاق الحق وإبطال الباطل ولا تدخله الأغراض والمصالح الذاتية.
د) أن يحذر الناقد إشعال حمية وعصبية الخصم.
- وآداب نقد فكر وعقيدة غير مؤدية إلى الكفر كما يأتي:
أ) إظهار العدل والاعتدال والتسامح.
ب) ينبغي أن يتّسم النصح بالكلام الناعم، ولا يخاطب المنصوح بكلام شديد عنيف.
ج) لا يجوز الطعن في النيات.
4. وفي الوقت الحاضر قد تأزمت الخلافات بين أهل السنة والشيعة تأزما كبيرا، وثار بسببها الاقتتال والتشريد والفتن والإبادة الجماعية، وقد نجح الأعداء الألداء في إشعال نيران الحروب الدامية في العالم الإسلامي اليوم باستغلال تلك الخلافات، فتقتل فرقة فئة أخرى بدون رحمة ولا هوادة، فهذا لا يباح في الإسلام قطعاً وهو جهاد في غير جهاد وفساد في الأرض. ولذا من الضروري اللازم أن تبذل جهود سليمة للقضاء على هذه الحروب الدامية فإن الحوار هو الطريق الوحيد لحل هذه الأزمة ووحدة الأمة.
5. وحيثما يتعايش أهل السنة والشيعة في عمران مشترك في كثير من البلدان فالواجب أن يتعايشوا تعايشا سلميا على أساس القيم المشتركة، وأن يتجنبوا سبّ وشتم الشخصيات الدينية المقدسة والمحترمة لكلتا الطائفتين، وعلى علماء الطائفتين وأهل الصلاح وقادة الفكر أن يؤدوا دوراً فاعلاً للقضاء على التشرذم المشؤوم والحروب الدامية.
الندوة الخامسة والعشرين لمجمع الفقه الإسلامي بالهندالجامعة العربية الإسلامية دار الحديث بدرفور– بمدينة كريم غنج ولاية آسام (الهند) 25-27 / ربيع الثاني 1437هـ |
اقرأ أيضا