صلاة العشاء هى آخر صلاة يؤديها المسلم فى يومه، وهى صلاة تتكون من أربع ركعات، إن صلاها منفردا فهى صلاة سرية، وإن صلاها فى جماعة فالجهر بالقراءة سنة مستحبة مثل الصلوات الليلية الثلاث، الفجر والمغرب والعشاء، وإن أسر الإمام بالقراءة فى الصلوات الليلية فقد فعل مكروها، وترك سنة، والصلاة صحيحة.
وقت العشاء:
ويدخل وقت العشاء بمغيب الشفق الأحمر، وحينها ينادى المؤذن لصلاة العشاء، بصيغة الآذان المعروفة، وتسّمى أيضاً صلاة العشاء بصلاة العَتَمَة، كما أخرج البخاريّ في صحيحه عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- قال: (لو يَعْلَمُونَ ما في العَتَمَةِ وَالصُّبْحِ لَأَتَوْهُما ولو حَبْوًا).
الطهارة للصلاة:
على المسلم أن يبادر ويستعد للصلاة قبل الاذان بربع ساعة، أو بعشر دقائق على الأقل، فيترك مشاغله، وأعماله، وكل ما بيده، ويقوم الى الوضوء، فيحسن الوضوء، ويلبس احسن الثياب، ويتطيب، ويستاك، أو يغسل الأسنان بالفرشاة والمعجون، ويتهيأ للقاء ربه على أحسن صورة، وأتم وسيلة، ويخلع من نفسه مشاغل الحياة، ويقبل على مولاه، فربما تكون آخر صلاة.
فضل صلاة العشاء فى جماعة:
عن عثمان بن عفان، قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: “من صلى العشاء في جماعة كان كقيام نصف ليلة، ومن صلى الفجر في جماعة كان كقيام ليلة” رواه مسلم وأحمد وأبو داود.
سنة العشاء:
ركعتان قبل العشاء سنة غير مؤكدة، وركعتين بعدها سنة مؤكدة، لحديث أم حبيبة أم المؤمنين رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((من صلَّى اثنتي عشرةَ ركعةً في يوم وليلة بُنِيَ له بهنَّ بيتٌ في الجنة)) رواه مسلم والترمذى وغيرهما، وزاد الترمذي في تفسيرها: ((أربعًا قبل الظهر، وركعتين بعدها، وركعتين بعد المغرب، وركعتين بعد العشاء، وركعتين قبل الفجر صلاة الغداة”
ويستحب ركعتين قبل صلاة العشاء سنة راتبة غير مؤكدة، وقيل مؤكدة لحديث عبد الله بن المغفل رضى الله عنه: ” بين كل آذانين صلاة” رواه البخارى ومسلم. والمراد بالآذانين الأذان والإقامة
فإذا أقيمت الصلاة، اصطفوا متساويين، ووقفوا بين يدي ربهم خاشعين، فإذا كبر الإمام تكبيرة الإحرام، تبعه المأموم وكبر خلفه وتركوا الدنيا خلف ظهورهم، وأقبلوا على الله بقلوب خاشعة، وخضعت جوارحهم، وذلت نفوسهم لله رب العالمين.
دعاء الاستفتاح:
ثم يدعو دعاء الاستفتاح بعد تكبيرة الإحرام وقبل قراءة الفاتحة، عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا قام إلى الصلاة قال: ((وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض حنيفًا مسلمًا وما أنا من المشركين، إن صلاتي ونُسُكي، ومحياي، ومماتي لله رب العالمين، لا شريك له وبذلك أمرت وأنا من المسلمين، اللهم أنت الملك لا إله إلا أنت، أنت ربي وأنا عبدك، ظلمت نفسي واعترفت بذنبي فاغفر لي ذنوبي جميعًا، إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، واهدني لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت، واصرف عني سيئها لا يصرف عني سيئها إلا أنت، لبيك، وسعديك، والخير كله بيديك، والشر ليس إليك، أنا بك وإليك، تباركت وتعاليت، أستغفرك وأتوب إليك)). رواه مسلم وابو داود والترمذى واحمد والدارمى، وغيرهم. وإن شاء قال ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من أدعية الاستفتاح الأخرى
قراءة الفاتحة:
ثم يقرأ الإمام الفاتحة جهرا، ويسكت قليلا، وفى سكوته يقرأ المأموم الفاتحة، ولا يلزم الإمام السكوت، ولا يجب على المأموم قراءة الفاتحة، ولكن يجب على المأموم الإنصات والاستماع إلى الإمام، فإذا قرأ الإمام فيجب على المأموم أن يترك ما فيه من تلاوة أو ذكر أو دعاء، ويستمع إلى قراءة الإمام فى خشوع وانصات، لقلو الحق سبحانه وتعالي: ” وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون” ( الأعراف: 204) ، فالإنصات والاستماع واجب على المأموم فى الصلاة، وقراءة الفاتحة ركن من أركان الصلاة، وقراءة السورة بعد الفاتحة من سنن الصلاة، والقيام من أركان الصلاة فإن عجز عن القيام صلى قاعدا، فإن صلى من قعود وهو يستطيع القيام، فصلاته باطلة.
الركوع:
ثم يركع حتى يستوى ظهره راكعا مستويا، وراحتيه على ركبتيه، وعن وابصة بن معبد رضي الله عنه قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي، فكان إذا ركع سوَّى ظهره حتى لو صُبَّ عليه الماء لاستقرّ)) رواه ابو يعلي فى مسنده والطبرانى فى الكبير وغيرهما. ويقول فى ركوعه: ” سبحان ربي العظيم ثلاثا”، ولا يقرأ القران فى ركوع، ولا سجود
الرفع من الركوع:
ثم يرفع رأسه من الركوع، رافعًا يديه بمحاذاة أذنيه، ويقول: سمع الله لمن حمده – إذا كان إمامًا أو منفردًا – ويقولان بعد قيامهما: “ربنا ولك الحمد”؛ لحديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: ” كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا قال: “سمع الله لمن حمده” قال: “اللهم ربنا ولك الحمد”.رواه البخارى فى صحيحه. أما إن كان مأمومًا فإنه يقول عند الرفع: “ربنا ولك الحمد”؛ لحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا قال الإمام سمع الله لمن حمده فقولوا: اللهم ربَّنا لك الحمد؛ فإنه من وافق قوله قول الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه). رواه البخارى ومسلم.
والأفضل للإمام والمنفرد والمأموم أن يزيدوا بعد ((ربنا ولك الحمد)) فيقولوا: “حمدًا كثيرًا طيبًا مُباركًا فيه ملء السموات، وملء الأرض، وما بينهما، وملء ما شئت من شيء بعد، أهل الثناء والمجد، أحقّ ما قال العبد، وكلنا لك عبد، اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا مُعطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد، اللهم طهّرْني بالثلج، والبَرَدِ، والماء البارد، اللهم طهّرْني من الذنوب والخطايا كما يُنَقَّى الثوبُ الأبيضُ من الوسخ” رواه مسلم عن أبي سعيد الخدرى
السجود:
يسجد مُكبّرًا، واضعًا ركبتيه قبل يديه إذا تيسر ذلك فإن شقَّ عليه قدّم يديه قبل ركبتيه، لقول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} ( الحج: 77) ؛ولحديث أبي هريرة رضي الله عنه في قصة المسيء صلاته: “ثم اسجدْ حتى تطمئنَّ ساجدًا” رواه البخارى
ويقول فى سجوده سبحان ربي الأعلى ثلاثا، ويدعو بما شاء فى السجود من خيري الدنيا والاخرة، لحديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ” أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد، فأكثروا الدعاء ” رواه مسلم وأبو داود والنسائي، وغيرهم. ولحديث ابن عباس رضي الله عنهما وفيه: “أما الركوع فعظموا فيه الرب عز وجل، وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء فقمِنٌ أن يُستجاب لكم” رواه مسلم فى صحيحه
الجلوس بين السجدتين:
ثم يجلس بين السجدتين لحديث أبي هريرة فى قصة المسيء صلاته: ” ثم ارفع حتى تطمئن جالسا” رواه البخارى ومسلم، وتكون جلسة خفيفة بطمأنينة، ويقول فيها: ما جاء فى حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول بين السجدتين: “اللهم اغفر لي، وارحمني، وعافني، واهدني، وارزقني” رواه ابو داود وابن ماجة والترمذى
الطمأنينة:
يجب على المصلى أن يطمئن فى الركوع، والرفع من الركوع، وفى السجود، وفى الجوس بين السجدتين، وذلك لتأكيد النبي صلى الله عليه وسلم على الطمأنينة فى حديث أبى هريرة فى قصة المسىء صلاته، وهو حديث صحيح، متفق عليه. وأقل الطمأنينة استقرار الأعضاء راكعا، أو رافعا من الركوع، أو ساجدا، أو جالسا بين السجدتين، ثم مقدار قول: “سبحان ربي العظيم” مرة واحدة على الأقل
السجدة الثانية:
وهى مثل السجدة الأولى فى كل شىء، وبهذا تكون تمت الركعة الأولى
الركعة الثانية:
مثل الركعة الأولى فى كل شىء، ما عدا دعاء الاستفتاح فقط، ومن اسمه، فهو دعاء استفتاح الصلاة، فلا يكون إلا فى الركعة الأولى، ويكون بعد تكبيرة الإحرام، وقبل قراءة الفاتحة
التشهد الأول:
ويكون بعد انتهاء الركعة الثانية، فإذا رفع المصلى رأسه من السجود الثاني فى الركعة الثانية، جلس للتشهد الأول، ويقول فيه: “التحيات لله، والصلوات، والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا، وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله” متفق عليه
والتشهد الأول من سنن الصلاة، ثم يقوم المصلى إلى الركعة الثالثة، وهى مثل الأولى تماما، ثم يقوم إلى الركعة الرابعة، وهى مثل سابقتها تماما، وفى الثالثة والرابعة يقرأ الفاتحة فقط، ولا يجهر الإمام بالقراءة
التشهد الأخير:
ويكون بعد تمام الركعة الرابعة، إذا رفع من السجود الثانى، ويقول فيه: “التحيات لله، والصلوات، والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا، وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله،اللهم صلّ على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد” رواه مسلم
الدعاء بعد التشهد الأخير وقبل السلام:
اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن شر فتنة المسيح الدجال، لحديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إذا تشهد أحدُكم فليستعِذْ بالله من أربعٍ، يقول: اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم ، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن شر فتنة المسيح الدجال” متفق عليه.
السلام عن اليمين ثم عن اليسار:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.