ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:
كنت مقيما بألمانيا مع عائلتي منذ صيف 2014م بشكل دائم، فلاحظت في سنة 2018م من ابني سلوكا غير متوقع، وهو عدم احترام أبويه، والسهر في الليل، والرجوع المتأخر إلى البيت، وتضييعه الوقت، ونومه نهارا إلى ما بعد العصر أحيانا، فأنكرتُ عليه هذا السّلوك واجتهدتُ في وعظهِ وتذكيرِهِ بأن يتّقي الله في سلوكهِ، فلم أَجد تَجَاوباً، فقرّرت حينئذٍ مراقبته والتّجسّس عليه لمعرفة تفسير لسُلوكهِ الغامِض، فتبيَّن لي أنّ ابني يدخّن الحشيش ويتاجر فيه، وله علاقات بفتيات، ويخالط من يشربون الخمور، ومبذّر للأموال، فأحيانا يصرف في أسبوع واحد ما تستهلكه أسرة في شهر، فما حكم التّجسّس على ابني، الرجاء التوضيح هل إجابتكم اجتهادية وفيها خلاف بين أهل العلم أم لا؟
الجواب:
الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أمّا بعد:
فالواجب المتعين عليك أن ترجع بأسرتك وأولادك إلى بلدك، أو بلدٍ من بلاد المسلمين لتعيش بينهم؛ لأن من عاشر قوماً لا يصلون ولا يصومون، ويشربون الخمور، ولا يبالون بمحارم الله؛ فإنه مهما احتاط لنفسه سيجدها واقعة في كثير من منكراتهم وموبقاتهم، والخوفُ من هذا ليس على ابنك الصغير فقط، بل عليك أنت ومن كان في عمرك من أسرتك، ولذلك نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الإقامة بين ظهراني الكفار إذا لم تكن هناك ضرورة لذلك، قال صلى الله عليه وسلم: (أَنَا بَرِيءٌ مِمَّن أَقَامَ بَيْنَ ظَهْرَانَيِ الْمُشْرِكِينَ) [أبو داود: 2645، وسكت عنه]، ومن تبرأ النبي صلى الله عليه وسلم من إقامته بالمكان الذي هو به؛ فهل تراه يفلح؟!
أما فيما يتعلق بسؤالك عن مراقبة أولادك، وما سميته تجسسا، فإن ذلك بعد معرفتك ما وقع فيه ابنك من المفاسد والمكاره والمنكرات، فإن متابعته منك لا تسمى تجسسا، بل الواجب عليك مراقبته ورده إلى الصواب، والمسارعة إلى الرجوع به إلى وطنك.
أما ما جاء في قول السائل هل إجابتكم اجتهادية وفيها خلاف أم لا؟ فيقال له: بعد أن سمعت حديث النبي صلى الله عليه وسلم عن الإقامة في بلاد الكفر، لا أظن أنك محتاج معه إلى غيره، والله أعلم.
وصلّى الله على سيّدنا محمّد وعلى آله وصحبه وسلّم