ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي وقد أجابت عليه :
نحن شركة تعمل في مجال الاتصالات وتقنية المعلومات، ونرغبُ في تقديم محفظة إلكترونية، تمكن زبائننا من شراء كروت الدّفع المسبق من خلالها، ويتم خصمُ القيمة المالية من حساب الزبون بالمحفظة، وتنقل لحساب الشركة، ونرغب في إضافة كروتِ منصتَي (شاهد) و(نتفلكس)، وهما منصتان تقدمان مجموعةً متنوعةً من البرامج التلفزيونية، والرسوماتِ المتحركة، والمسلسلاتِ والأفلامِ المختلفة، فما حكمُ ذلك؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فإن ما تقوم به الشركة من خدمات بيع كروت الدفع المسبق مباحٌ في الأصل، غير أن بيع كروتِ الاشتراك في منصاتٍ تبثُّ ما يشتملُ على أمور محرمة؛ كالموسيقى والتبرج والسفور وأفلام اللهو والمسلسلات، محرمٌ شرعًا، ولا تجوزُ الإعانة على نشره؛ لأنه من التعاون على الإثم والعدوان، والله تعالى يقول: ﴿وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾ [المائدة:2]، ولِما يترتب عليه من نشر الرذيلة، وهدمِ الأخلاق والفضيلة بالمجتمع، والله تعالى يقول: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ﴾ [النور:19]، والنبيّ صلى الله عليه وسلم يقول: (… وَمَنْ دَعَا إِلَى ضَلَالَةٍ كَانَ عَلَيْهِ مِنَ الإِثْمِ مِثْلُ آثامِ مَنْ تَبِعَهُ لاَ يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ آثامِهِمْ شَيْئاً) [مسلم: 2674].
فعلى السائل أن يتوجه بدل هذه المنصّة إلى منصّة أخرى تكون خاضعة لرقابة شرعيّة، موادّها تبث الفضيلة وتنشر الخير، والتربية ومكارم الأخلاق والتعليم النافع، فيكون ذلك لها من الصدقة الجارية التي لا ينقطع أجرها، وتتحصل على الأجرين أجر الفانية وأجر الباقية، فإن النبيّ صلى الله عليه وسلم يقول: (مَنْ دَعَا إِلَى هُدىً كانَ لهُ مِنَ الأجْر مِثلُ أُجورِ منْ تَبِعهُ لاَ ينْقُصُ ذلكَ مِنْ أُجُورِهِم شَيْئًا…) [مسلم: 2674]، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مَن سَنَّ في الإسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً، فَعُمِلَ بهَا بَعْدَهُ، كُتِبَ له مِثْلُ أَجْرِ مَن عَمِلَ بهَا، وَلَا يَنْقُصُ مِن أُجُورِهِمْ شيءٌ …) [مسلم:1017]، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم