ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي وقد أجابت عليه :
نحن منتسبان لكتيبة من كتائب ثورة السابع عشر من فبراير، لا تتبع أيَّ جهةٍ حكومية، قمنا بالاستيلاء على قطعةِ سلاحٍ من نوع (23 مضاد طائرات) من العدوِّ، في محور أبو قرين، أثناء المعركة، بتاريخ: 12/4/2020م، والنظامُ عندنا في الكتيبة أنَّ من استولى على سلاحٍ فإنه يحتفظُ به، ولا دخلَ للكتيبة به، وقد رفضْنا عروضًا لبيعهِ؛ خشيةَ الوقوع في الحرام، فما حكم تسليمِ هذه القطعة إلى جهاز أمنيٍّ يتبعُ رئاسة مجلس الوزراء، وهو الجهاز الوطني للقوَى المساندة، وأخذ مكافأةٍ منه مقابلَ التسليم؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فإنَّ قوات حفتر التي هجمتْ على العاصمة طرابلسَ، بغاةٌ من حيثُ الاستدلالُ العام، والله تعالى أمر بقتالِ البغاة، فقال: ﴿فَقَاتِلُواْ الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ﴾ [الحجرات: 9]، لكن لا تنطبقُ عليهم أحكامُ البغاة من حيثُ الغنيمة؛ لأنهم ليسُوا مجردَ خارجين على الإمامِ بتأولٍ أو بغير تأولٍ، بل هم خارجونَ عن الشريعة، فهم ينتصرونَ على إخوانهم بأعداءِ الله، ويقاتلون بالنيابةِ في مشروعٍ صيهونيّ، يتكلم قادتُهُ عن أنهم لا يريدونَ شرعَ الله، وأن طاعةَ حفتر مقدمةٌ على طاعة الله، فلا يحكم بردِّ غنائمهم إليهم، فهم ضامنون للمدنِ التي دمروها، وللأرواح التي قتلوها؛ لأنهم يعاندونَ شرعَ الله؛ ولأنهم محادُّون لله ورسوله؛ ولأنهم يصرحونَ بعدائهم للشريعة، يمعنونَ في القتل، فأقربُ اجتهادٍ أن تخمّس غنائمهم، فيصرف خمسها في المصالح العامة؛ لأن ما كان لله ورسوله يصرفُ في المصالح العامة، والأربعة أخماس الباقية هي للمقاتلينَ، تقسم بينهم بالسوية؛ لقوله تعالى: ﴿وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُو وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ﴾ [الأنفال: 41].
لكن نظرا لأن الغنيمة هي قطعة سلاح، ولا يمكن قسمتها إلا ببيعها، وبيع السلاح في بلد مثل ليبيا مفسدة عظيمة تؤدي لمزيد من سفك الدماء والتقاتل؛ لذا فالواجب على الكتيبة التي غنمت هذه القطعة أن تحتفظ بها، إلى أن تستقر الدولة ويستتب الحكم فيها، لجهة شرعية قادرة على تنفيذ القانون واستتباب الأمن، وحينها تسلم إليها، ويجوز للكتيبة أن تأخذ قيمة قطعة السلاح في ذلك الوقت، من الجهة الشرعية، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم