الفتاوىفقهيةقضايا معاصرة

وضع صور الآدميين على ملصقات الملابس في الإعلان عن المنتجات؟

ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي وقد أجابت عليه :

ما حكم وضع صور الرجال والأطفال والنساء على ملصقات الملابس في الإعلان عن المنتجات؟ علما أن بعض الصور تكون لنساء متبرجات، وكذلك صور عارية.

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فالأصل أنّ اتخاذ الصور المرقومة التي لا بروزَ فيها، مما له روحٌ من إنسان أو حيوان، إذا كان على هيئة التكريم والاحتفاء كالتعليق على الستر والحيطان، لا يجوز؛ فعَن عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَأَنَا مُتَسَتِّرَةٌ بِقِرَامٍ فِيهِ صُورَةٌ، فَتَلَوَّنَ وَجْهُهُ، ثُمَّ تَنَاوَلَ السِّتْرَ فَهَتَكَهُ، ثُمَّ قَالَ: (إِنَّ مِنْ أَشَدِّ النَّاسِ عَذَابًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ، الَّذِينَ ‌يُشَبِّهُونَ ‌بِخَلْقِ ‌اللهِ) [صحيح مسلم: 2107].

أمّا إذا كانت الصورة المذكورة اتخذت على هيئةٍ تمتهنُ وتوطأ وتداس؛ كالسجاد، والمخدات، فهي مكروهة تنزيهًا؛ لحديث عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ؛ أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى أَبِي طَلْحَةَ الْأَنْصَارِيِّ يَعُودُهُ، قَالَ فَوَجَدَ عِنْدَهُ سَهْلَ بْنَ حُنَيْفٍ ‌فَدَعَا ‌أَبُو ‌طَلْحَةَ ‌إنْسَانًا فَنَزَعَ نَمَطًا مِنْ تَحْتِهِ، فَقَالَ سَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ: لِمَ تَنْزِعُهُ؟ قَالَ: لِأَنَّ فِيهِ تَصَاوِيرَ، وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم  فِيهَا مَا قَدْ عَلِمْتَ، فَقَالَ سَهْلٌ: أَلَمْ يَقُلْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: إلَّا مَا كَانَ رَقْمًا فِي ثَوْبٍ؟ قَالَ: بَلَى، وَلَكِنَّهُ أَطْيَبُ لِنَفْسِي”[الموطأ: 1802]، وما نسبه ابن عبد البر إلى الإمام مالك يفيد أن الصور المرقومة على الثوب ليست محرمة، ومن ذلك ما يطبع في أيامنا من صور الرجال والأطفال على الملابس، قال ابن عبد البر رحمه الله: “وَكَانَ مَالِكٌ لَا يَرَى بِذَلِكَ بَأْسًا فِي الْبُسُطِ وَالْوَسَائِدِ وَالثِّيَابِ عَلَى حَدِيثِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ هَذَا إِلَّا مَا كَانَ رَقْمًا فِي ثَوْبٍ” [التمهيد: 196/21].

وأما وضعُ صورة المرأة عارية أو غير عارية، تمتهن أو لا تمتهن، فلا يجوز؛ لما فيه من الفتنة، وفتح الباب للفساد من أهل المعاصي والأهواء، قال الله تعالى: ﴿إِنَّ ٱلَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ ‌ٱلۡفَٰحِشَةُ ‌فِي ‌ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَهُمۡ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي ٱلدُّنۡيَا وَٱلۡآخِرَةِ وَٱللَّهُ يَعۡلَمُ وَأَنتُمۡ لَا تَعۡلَمُونَ﴾ [النور:19]، ولأن وضع الصورة على الملصقات أمام الناس بصورةٍ دائمة – بحيث تكون عرضة لكل ناظر، ويتأمل فيها مَن أراد متى شاء – ليست فيه مصلحة شرعية؛ بل هي فتنة ضارّة، فإنه لا يجوزُ للرجل أن ينظرَ إلى وجه المرأة، ولو كانت بلباسها الشرعيّ، للتأمّل في جمال وجهها، هذا والمرأة بلباسها الشرعي، فكيفَ وهي عارية، بادية مفاتنها وعورتها، والله أعلم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

دار الإفتاء الليبية

هل كانت المقال مفيداً ؟
نعملا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى