ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي وأجابت كالتالى:
ما حكم تحويل مبلغ مالي 10000 يورو -مثلا- من تركيا إلى طرابلس، وأخذ أجرة على ذلك بالدولار، 200 دولار مثلا؟ وكيف يتم التصرف في الأرباح الناتجة عن هذه الحوالات إذا كانت غير مشروعة؟ وما حكم نقل العملة الأجنبية خارج البلد من ليبيا إلى تركيا عن طريق بعض المسافرين، حيث يوزع تاجر العملة المبلغ على المسافرين على نفس الرحلة التي سيسافر عليها، وفقا للحد الأقصى المسموح به قانونا وهو 10000 دولار، على أن يعطيهم أجرة قدرها 50 دولار عند الوصول إلى تركيا، حتى يتهربَ من ضبطه في المطار؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فإنّ التحويل بالعملة نفسها هو من قبيل السفتجة فلا يصح أن يكون وسيلةً للربح، والذي يجوز هو أخذ التكلفة الفعلية التي يتكلفها من يتولى الحوالة، مثل كلفة الاتصالات، أو تأجير من يتولى حماية المال عند نقله؛ لأن التحويل بهذه الصورة يعد من قبيل السلف، فإنك تسلف المكتب الذي يريد التحويل في بلد على أن يعطيه لك في بلد آخر، ودفع الأجرة عليه تدخل في سلف جر نفعا، أو من استبدال نقد بنقد من جنسه بزيادة، وكلاهما من الربا المحرم؛ جاء في قرارات مجمع الفقه الإسلامي ما نصه: “الْحَوَالاَتُ الَّتِي ُتقَدَّمُ مَبَالِغُهَا بِعُمْلَةٍ مَا وَيَرْغَبُ طَالِبُهَا تَحْوِيلَهَا بِنَفْسِ الْعُمْلَةِ جَائِزَةٌ شَرْعًا، سَوَاءٌ أَكَانَتْ بِدُونِ مُقَابِلٍ أَمْ بِمُقَابِلٍ فِي حُدُودِ الْأَجْرِ الْفِعْلِيِّ” [القرار رقم: 84 (9/1) (137/1)].
أما إخراج العملة خارج البلد بالطريقة المذكورة في السؤال، فما دامت قوانين البلد تمنعه فهو ضار باقتصادها، يعاقب عليه القانون؛ لما يسببه من استنزاف لاحتياطيات الدولة من العملة الأجنبية، وارتفاع لسعر الصرف، وما يحدثه من التضخم وغلاء الأسعار، وكل ذلك يدخل في الجرائم الاقتصادية التي لا يحلّ للمسلم أن يتخذها وسيلة للكسب.
عليه؛ فلا يجوز أخذ أجرة زائدة على التكلفة الفعلية مقابل الحوالة المذكورة، ولا يجوز كذلك إخراج العملة بالطريقة المذكورة في السؤال، ويحرم على المسافرين الإعانة على نقلها، وأخذ الأجرة على ذلك؛ لأنه من التعاون على الإثم والعدوان، والله تعالى يقول: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ﴾، ومن وقع له شيء من ذلك وجب عليه التخلص مِن الزائد على الأجرة الفعلية في الحوالة، ومن أجرة نقل العملة بالتحايل، وذلك بصرفه في مصالح المسلمين العامة؛ كرصفِ الطرق، وإنشاء الجسور، وبناء المعاهد الشرعية والمدارس، ودور الأيتام، ونحو ذلك، تخلُّصًا من الحرام، لا مِن بابِ الصدقة، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم