يسأل البعض هل يجوز استبدال رسم الأرقام العربية برسم الأرقام المستعملة في أوروبا؟
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، سيدنا ونبينا محمد وآله وصحبه وسلم تسليما كثيرا أما بعد:
فإن مجلس المجمع الفقهي الإسلامي، قد نظر في الكتاب الوراد إلي الأمانة العامة لرابطة العالم الإسلامي، من معالي وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية في الأردن الأستاذ كامل الشريف، والبحث المقدم من معاليه إلي مجلس الوزراء الأردني بعنوان (الأرقام العربية من الناحية التاريخية)، والمتضمن أن هناك نظرية تشيع بين بعض المثقفين مفادها أن الأرقام العربية في رسمها الراهن (١-٢-٣-٤ـ الخ) هي أرقام هندية، وأن الأرقام الأوربية (1-2-3-4-5) هي الأرقام العربية الأصلية، ويقودهم هذا الاستنتاج إلي خطوة أخري، هي الدعوة إلي اعتماد الأرقام في رسمها الأوروبي في البلاد العربية، داعمين هذا المطلب، بأن الأرقام الأوروبية، أصبحت وسيلة للتعامل الحسابي مع الدول والمؤسسات الأجنبية، التي باتت تملك نفوذا واسعا في المجالات الاقتصادية والاجتماعية في البلدان العربية، وأن ظهور أنواع الآلات الحسابية و(الكمبيوتر) التي لا تستخدم إلا هذه الأرقام يجعل اعماد رسم الأرقام الأوروبية في البلاد العربية أمرا مرعوبا فيه، إن لم يكن شيئا محتوما لا يمكن تفاديه.
ونظر أيضا فيما تضمنه البحث المذكور من بيان للجذور التاريخية لرسم الأرقام العربية والأوروبية.
واطلع المجلس ايضا، على قرار مجلس هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية، في دورته الحادية والعشرين، المنعقدة في مدينة الرياض مابين 17ـ 28 شهر ربيع الآخر عام 1403هـ فيهذا الموضوع والمتضمن أنه لا يجوز تغيير رسم الأرقام العربية المستعملة حاليا إلي رسم الأرقام المستعملة في العالم الغربي للأسباب التالية:
أولا:
أنه لم يثبت ما ذكره دعاة التغيير، من أن الأرقام المستعلمة في الغرب هي الأرقام العربية، بل إن المعروف غير ذلك، والواقع يشهد له. كما أن مضي القرون الطويلة، على استعمال الأرقام الحالية في مختلف الأحوال والمجالات، يجعلها أرقاما عربية، وقد وردت في اللغة العربية، حتي إنه وجد شيء منها في كلمات القرآن الكريم (وهي التي توصف بأنها كلمات معربة).
ثانيا:
أن الفكرة الها نتائج سيئة وآثار ضارة، فهي خطوة من ختطوات التغريب للمجتمع الإسلامي تدريجيا، يدل علي ذلك ما ورد في الفقرة الرابعة من التقرير المرفق بالمعاملة ونصها (صدرت وثيقة من وزراء الإعلام في الكويت تفيد بضرورة تعمينم الأرقام المستخدمة في أوروبا، لأسباب أساسها وجوب التركيز على دواعي الوحدة الثقافية والعلمية، وحتي السياحية علي الصعيد العالمي).
ثالثا:
أنها (أي هذه الفكرة)، ستكون ممهدة لتغيير الحروف العربية، واستعمال الحروف اللاتينية ـ بدل العربية، ولو علي المدي البعيد.
رابعا:
أنها (أيضا) مظهرمن مظاهر التقليد للغرب، واستحسان طرائقه.
خامسا:
أن جميع المصاحف والتفاسير، والمعاجم، والكتب المؤلفة كلها تستعمل الأرقام الحالية في ترقيمها، أو في الإشارة إلي المراجع، وهي ثروة عظيمة هائلة، وفي استعمال الأرقام الإفرنجية الحالية (عوضا عنها) ما يجعل الأجيال القادمة، لا تستفيد من ذلك التراث بسهولة ويسر.
سادسا:
ليس من الضروري متابعة بعض البلاد العربية التي درجت علي استعمال رسم الأرقام الأوروبية، فإن كثيرا من تلك البلاد قد عطلت ما هو أعظم من هذا وأهم، وهو تحكيم شريعة الله كلها، مصدر العز والسيادة، والسعادة في الدنيا والأخرة، فليس عملها حجة.
وفي ضوء ما تقدم يقرر مجلس المجمع الفقهي الإسلامي ما يلي:
أولاً:
التأكيد علي مضمون القرار الصادر عن مجلس هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية في هذا الموضوع والمذكور آنفا، والمتضمن عدم جواز تغيير رسم الأرقام العربية المستعملة حاليا، برسم الأرقام الأوروبية المستعملة في العالم الغربي للأسباب المبية في القرار المذكور.
ثانيا:
عدم جواز قبول الرأي القائل بتعميم رسم الأرقام المستخدمة في أوروبا بالحجة التي استند إليها من قال ذلك، وذلك أن الأمة لا ينبغي أن تدع ما اصطلحت عليه قرونا طويلة، لمصلحة ظاهرة وتتخلي عنه تبعا لغيرها.
ثالثا:
تنبيه ولاة الأمور في البلاد العربية إلي خطورة هذا الأمر، والحيلولة دو ن الوقوع في شرك هذه الفكرة الخطيرة العواقب علي التراث العربي والإسلامي.
والله ولي التوفيق وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم.
المجمع الفقهي الإسلامي
قرارات المجمع الفقهي الإسلامي بمكة المكرمة
الدورات :من الأولي إلي السابعة عشرة
القرارات :من الأولي إلي الثانية بعد المائة
(1398ـ 1424هـ /1977ـ2004م)