- السؤال:
شخص بنى عمارة، الأدوار الأرضية منها تصلح للمحلات، ولا تصلح الأدوار العليا لذلك، فهل يجوز إيجار الأدوار العليا للاستعمال كـ(مطاعم)؟ علما بأنه يحدث فيها فساد عريض كما أخبر بذلك الأشخاص الموثوق بدينهم؟ |
- الجواب:
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
- القول في هذه المسألة له شقان:
– الأول: إيجار الأدوار العليا
– الثاني: الظن بأن محال الإيجار قد تستخدم فيما يحرم من الأعمال.
- أولا: إيجار الأدوار العليا:
أما عن إيجار الأدوار العليا لأغراض تجارية، فإن الأصل أنه يجوز الإيجار لأي غرض ليس فيه مخالفة شرعية، لعموم قوله تعالى: {هُوَالَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً}، وللقاعدة الفقهية: الأصل في الأشياء الإباحة.
أما إن كان هناك قانون من الدولة يمنع هذا لمصلحة عامة، فينهى عن استعمال الأدوار العلوية للإيجار التجاري، وإن حدث، صح الإيجار مع الكراهة، لمخالفة ولي الأمر؛ لأنه لولي الأمر أن يسن من القوانين ما لا يخالف القواعد العامة من الإسلام، إن كانت في ذلك مصلحة عامة، وذلك استنادا لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ}.
ويعني هذا أنه لو كانت هناك قوانين في الدولة تمنع الإيجار التجاري في الأدوار العليا، فينهى عنها، ولكن إن أوجرت، صح الإيجار، وحل الكسب به، مع الإثم في مخالفة ولي الأمر.
- ثانيا: الظن بأن محال الإيجار قد تستخدم فيما يحرم من الأعمال:
أما إيجار المحال، مع الظن أنها قد تؤجر في أشياء محرمة، فإن كان يغلب على الظن، أو عرفت بوجه اليقين أنها ستستخدم في أشياء محرمة، فلا يجوز تأجيرها لمن يستخدمها في شيء حرام، لأنه من أعان على الحرام، اشترك في الإثم مع صاحبه.
ومن هنا، جاء النهي لبيع العنب لمن يبيعه خمرا، أو بيع سكين لمن علم أنه سيستخدمها في قتل أو سرقة ونحو هذا.
أما إن كان الغرض من الإيجار مجهولا، فإنه يباح الإيجار، لأننا لسنا مكلفين في أن نعرف نوايا الناس، ولأنه لا يحرم إلا ما كان حراما معلوما، فلما كان مجهولا، حكم عليه بالصحة التي هي الأصل.
وهذا ما ذهب إليه جمهور العلماء.
والله أعلم
- د مسعود صبري