الفتاوىفتاوى المجامعمجمع الفقه بالهند

توصيات حماية المرأة

قرار رقم 95 (4/22)  بشأن توصيات حماية المرأة

  • لمجمع الفقه الإسلامي بالهند

 

إن قضية حقوق المرأة وحمايتها مطروحة على طاولة البحث في الوقت الراهن، وأصبحت حديث الساحة في العالم أجمع، إن تصور العالم الغربي بصدد حقوق المرأة يبعث لعمومه في الدنيا كلها، وهو أن الزوجين زميلان وشقيقان، وليس أحدهما يعتبر رئيس الأسرة أو قواماً عليها، وبالتالي جرى الغرب أن الزوجة ينبغي أن تمنح حريتها وحقها في الطلاق مثل الزوج، وأن يتوقف أمر التفريق بين الزوجين على المحاكم، فلا خيار لأحدهما في استخدام حق الطلاق بنفسه..

وكذلك مسألة تعدد الأزواج، فينبغي أن يفرض الحظر عليها للرجل والمرأة كليهما، وأن تقسم التركة في الإرث بالتساوي بينهما، وأن يكون للأم حق الولاية مثل الأب، وأن لا يسمح لشاب أو لشابة بالزواج قبل بلوغهما 18 سنة، وأن ينسب ولد الزنا إلى الزاني المباشر، والفتى أو الفتاة عند بلوغهما 18 سنة تثبت لهما الحرية في أبدانهما، فلا ينبغي أن يُحال بينهما وبين الممارسة الجنسية، كما ينبغي أن تكون الممتلكات المسجلة لكل واحد منهما مشتركة، وتوزع على أساس التساوي بينهما في حالة إيقاع الطلاق، والرجل إذا تمتع بامرأته جنسياً من دون رضاها يعتبر ذلك جريمة وزنا، وينبغي أن يؤذن للنساء في استخدام وسائل منع الحمل والإجهاض وما إلى ذلك.

      هذه التوصيات جاهزة للتقديم في المؤتمر الخامس والسبعين المنعقد في الفترة ما بين 4-15 مارس 2013م من قبل لجنة النساء للأمم المتحدة، عنوانها: “القضاء على جميع طرائق التطرف ضد المرأة والفتاة” وهناك محاولات حثيثة من القوى الغربية أن توقّع عليها سائر البلدان الأعضاء في الأمم المتحدة، والبلدان التي يتم توقيعها عليها لو جرى فيها القانون المخالف لهذه التوصيات فيحق للأمم المتحدة التدخل في شؤونها ورفع قضية تلك البلدان إلى المحاكم الدولية.

     هذه القوانين وإن كانت تخالف جميع الديانات السماوية وغير السماوية، ولكن الحقيقة أن جميع أهل الديانات قبلوها وعملوا بها سوى المسلمين، لأجل أن صلتهم بدياناتهم صلة اسمية فقط، فالدين لا يتدخل في شؤونهم الخاصة، أما الأمة الإسلامية فإنها تعتقد بحاكمية الدين على الحياة كلها حتى الآن، فمن البديهي أن الصدام لا يكون إلا مع المسلمين، فيجب على العالم الإسلامي والأمة الإسلامية أن يتعاملوا مع هذا الوضع بالحكمة والجرأة ولا يتأثروا بمثل هذه الحملات اللاأخلاقية.

     ومن القضايا المهمة الاتجاه المتصاعد للاعتداء على المرأة وهضم حقوقها، وهذه بلادنا الهند لا ينقضي يوم إلا وتقع حوادث التحرّشات الجنسية والتطرف على المرأة، وهذا الوضع مؤسف للغاية، يندى له جبين الحياء، فالمطالبات تشتد من جميع الجهات المعنية لتقنين العقاب الصارم في مثل هذه الجرائم، والحكومة الهندية قد أولت المسألة الاهتمام البالغ.

ورؤية الإسلام تجاه المرأة تختلف عن هذا، وهي أن هناك فرقاً كبيراً بين الرجال والنساء في المواهب والطاقات، وبالتالي إحكام نظام الأسرة وتكوين المجتمع نزيها يتطلب العدل لا المساواة، فالمسؤوليات ألقيت على الرجل والمرأة نظراً إلى مواهبهما المختلفة، والحقوق والواجبات تم تعيينها حسب المواهب والمسؤوليات، ولذلك ألقى الإسلام مسؤولية كفالة الأسرة والحفاظ عليها وسائر المسؤوليات المالية على الرجال، والنساء يتمتعن بالحرية والانطلاق من هذه الأغلال، ثم جعل الرجل رئيس الأسرة، والقوّام والمشرف عليها، وعلى هذا المبدأ تقوم سائر الأحكام الشرعية المتعلقة بالحياة العائلية.

كما أن لحقوق المرأة أهمية كبيرة في الإسلام، والقوامة ألقيت على الرجل، ولكنه يعتني كذلك بتقليل دائرة الأسباب والدواعي التي تحرض الإنسان على السيئات، والقضاء عليها، ويدعو إلى تكوين بيئة لا تشجع الناس على ارتكاب الجرائم، ثم وضع حدوداً وعقوبات شديدة عليها حتى يعدل مع المظلوم ولا يظلم المجرم، فوضع العقوبات من دون منع دواعي الجرائم لا يقضي على الجرائم، كما أن ذلك مخالف للعدل والإنصاف.

على هذه الخلفية توصي الندوة الفقهية الثانية والعشرون لمجمع الفقه الإسلامي بالهند المنعقدة في الفترة ما بين 26-28 ربيع الآخر 1434هـ الموافق 9-11 مارس 2013م ما يلي:

أولاً:   
إن أغلبية سكان العالم – بما فيها البلدان الغربية المتغربة – ترتبط بالأديان، فإقامة التساوي بكل أطرافه بين الرجال والنساء في الحياة الاجتماعية والزوجية والإذن للشباب والشابات في الاستمتاع الجنسي من دون علاقة قانونية بينهما مخالفة لتعاليم الديانات كلها، فمن واجب هذه البلدان وهي تدعي الديمقراطية واحترام الرأي العام أن تتجنب هذه القوانين الماجنة والبغيضة عند جميع الأديان ولا تحاول فرضها على الآخرين.

 

ثانياً:  
إنّ هذا التصوّر للمساواة يتناقض مع قانون الفطرة، وكلما اصطدم الإنسان مع قانون الفطرة وقع فريسة لعذاب الله، وليس –الإيدز- ومثله من الأمراض المزمنة الخطيرة إلا مثالاً واضحاً لهذه الحقيقة، فيجب على العالم كله أن يدع تصور التصادم مع قانون الفطرة ويعترف بتفوق القوانين الإلهية، لأنها منزلة من خالق الفطرة، وليس هناك أحد يعرف مصلحة الإنسانية وضررها مثله.

 

ثالثاً:    
تهيب الندوة بالعالم الإسلام أن يحاول فهم مؤامرة الغرب هذه، فإن غايتها ليست الحفاظ على حقوق المرأة، وإنها هدم نظام الإسلام، فمن واجبه أن يرفض بشدة هذه المحاولات والمؤامرات المخالفة للإنسانية والأخلاق ولا يرضى بتوقيعه أبداً على مثل هذه المسوّدة.

 

رابعاً:        
كما تهيب الندوة بالحكومة الهندية أن لا توقع عليها، لأنها وأمثالها من التشريعات والقوانين غير مقبولة لدى جميع فئات وطوائف الشعب الهندي، ومغايرة صريحاً لتلك الحرية الدينية التي أعطيت لجميع المواطنين في الدستور.

 

خامساً: 
وأن لا تكتفي الحكومة الهندية بتشديد العقوبة على الزنا للقضاء على الجرائم الجنسية، بل عليها أن تفرض الحظر على دواعيها والأسباب المحرضة عليها مثل إغلاق شركات صناعة الخمور، وفرض الحظر على المخدرات بكل أنواعها، كما صرح بذلك في ضوابط توجيهية من دستور الهند، كما ينبغي لها أن تشكل نطاقاً تعليمياً غير مختلط بين الجنسين، ويمنع الرجل الأجنبي من الاختلاط بالمرأة الأجنبية حسب المستطاع، ويحتم على الفتيان والفتيات استخدام الملابس المحتشمة والتي تستر أعضاء الجسد الفاتنة، ويفرض الحظر على الأفلام والبرامج الخليعة، وعلى ممارسة الوظائف الليلية للنساء، وأن يلغي شرط زواج البنين بكونهم يبلغوا 21 سنة وشرط زواج البنات بكونهن يبلغن 18 سنة وأن تقرر مع اتخاذ هذه التدابير الحازمة على الزنا – سواء كان بالرضا أو بالجبر- عقوبات شديدة.

 

سادساً:   
والواقع أن الجرائم لا يمكن القضاء عليها بواسطة القانون فحسب، وإنما يحتاج ذلك إلى تغيير شامل في الاتجاهات والميول، فأصبح من الضروري نظراً إلى حوادث القتل وقطع الطرق والفساد في البلاد، وتورع كثير من المثقفين في مثل هذه الحوادث الفتاكة أن تقوم الحكومة بإدخال التعاليم الخلقية في المقررات كجزء لا ينفك عنها، وتنشر البرامج المبنية على تربية الأخلاق والسلوك عبر وسائل الإعلام، وأن تقيد النشرات والإعلانات التجارية بالمثل الخلقية.

 

سابعاً:   
إن المسلمين طائفة داعية أخرجت لتقديم دعوة الخير والبر لا بمجرد استخدام اللسان بل بالعمل أيضاً، فينبغي لهم أن يقوموا بواجبهم هذا، ويهتموا بأداء حقوق المرأة، ويبتعدوا كل الابتعاد عن الاعتداء عليها، ويعطوا للمرأة حقها في الميراث، ويتجنبوا استغلال حق الطلاق، ولا يتخذوا النكاح مكسباً وتجارة بدلاً من العبادة، وينشئوا مجتمعاً يقدم مثالاً فريداً للأخلاق الفاضلة والسلوكيات النبيلة التي أمر بها في الإسلام تجاه المرأة.

 

الندوة الثانية والعشرين
لمجمع الفقه الإسلامي بالهند

الجامعة الإسلامية العربية جامع مسجد – بمدينة أمروهه
ولاية أترابراديش (الهند)

25-27 ربيع الآخر 1434هـ
9-11 مارس 2013م

اقرأ أيضا

عمل المرأة خارج البيت

هل كانت المقال مفيداً ؟
نعملا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى